📚 الدين والظمأ الأنطولوجي (ص٩٣)
✍️ د. عبد الجبار الرفاعي
إن فشل الإسلاميين في بناء الدولة يعود إلى عجز معظمهم وقصورهم في إدراك الجذور العميقة للدولة الحديثة، وافتقار الكثير من المسؤولين إلى تكوين أكاديمي أو معرفي أو فكري، يؤهلهم لإعداد نظم وبرامج وخطط اقتصادية وإدارية وتربوية وعلمية وثقافية معاصرة، فضلا عن عدم توفرهم على تدريب وخبرة عملية في إدارة الدولة وبناء مؤسسات السلطة.
إنهم يفكرون في مرحلة ما قبل الدولة، لذلك يحرصون على استدعاء القبيلة وقيمها وتشكيلاتها العتيقة، ويغرقون في كهوف الماضي، ويفرطون في استهلاك التاريخ، وكأنهم لا يعيشون في عالمنا إلا بأبدانهم، في حين تلبث عقولهم وأرواحهم مع الموتى.
مضافا إلى أن معظمهم لم يتشبع بتربية معنوية أخلاقية، تتسامى بها روحه، وتحقق له امتلاء ذاتيا، يثري ضميره بالغيرة على الإنسان والأوطان، ويشفيه من عقد الجوع، وجروح الحرمان.
لذلك لم يعرف بعض هؤلاء من الدين سوى الاستيلاء على السلطة، وليست السلطة في مفهومه إلا الظفر بالغنيمة، واستيفاء ديون أوجاعه، المتمثلة بكافة ألوان الاضطهاد والتهميش في الوطن والمنفى.